معبودات الماضي - ج1

ابيس


اتوم



امون
د/نزيه سليمان
الحياة دائما تعبر محيط الموت لكنها قد تعود غضة ندية، فلا تحمل رياح الهبوب إلا بزور الثمر، واذا تساقطت اوراق الشجر فقد حان ان تجدد حياتها، فلا تبكي علي اللبن المسكوب فإن لله في خلقه شئون وكل شيء عنده بمقدار، فلا يبطل الباطل باطل مثله ان يبطله الحق فإذا هو زاهق، ولا يرد علي الجهالة إلا بالحكمة وعلي سوء الخلق بالاثرة وحسن الخلق، ثم تمضي الامور في اعنتها حتى تقف بين يدي عزيز جبار، فيقضي فيها بعلمه وقدرته.

وما اقبح انسان اتبع هواه فأضله الله علي علم وجعل علي قلبه وعقله غشاوة فلا يؤمنون حتى يروا العذاب الاليم، هكذا هي الدنيا مذ خلقها الله عقولُ تورثُ عقول واخلاقُُ تتناقلها اجيالُُ عن أجيالٍ وعادات لازالت تليدة عتيدة لا يرقى اليها جديد او حديث، فما نبت في ارض خير فهو ظل ظليل فرعُ في السماء وجزور في قاع خير، وما نبت من شر فتراه مصفراً فما يلبث أن يهيج ثم يكون حطاما.ومن القديم البعيد تناقل الانسان تدين واخلاق ثُبتت على دعائم قوية، فهي دين يتعبد به ومعبودات يتقرب الانسان اليها ويهب له الغالي الثمين، وقبلة يتضرع اليها اذا الم به خوفُُ أو اصابه خطبٌٌ او نزل به قحطُُ او عمت بلاده نائبة، فجسد الطبيعة الهة يهرع اليها كل حين ورسم من قوى الحياة اسس لديانته التي يتقلدها ويعتنقها.ومن اهم المعبودات القديمة.عبد المصريون القدماء الكثير من المعبودات وقدسوها واختاروا لها رموز مقدسة واشكالا حيوانية أو بشرية أو مركبة من كلا النوعين.وقد كان لكل معبود شكلا خاص ورمزاً خاص صنوع له التماثيل التي توضع داخل المعابد او المقابر او المنازل او في النصب العامة والطرقات والمدن وفي كثير من الاماكن الاخرى.وتعيننا معرفة تلك الرموز والاشكال على التفريق بين الاصلي والمقلد في الفن المصري القديم وسوف نعرض هنا أهم الرموز للمعبودات المصرية القديمة وتيجانها الخاصة واشكالها.1- أبيس العجل المقدس تجسيدا لمعبود منف "بتاح"؛ كانت له في سقارة جبانة خاصة به تعرف بالسيرابيوم؛ حيث دفن العجل المقدس في توابيت ضخمة، بعد تحنيطه. ونقلت جبانة العجل أبيس إلى الإسكندرية في عصر البطالمة.وغالبا تتوج رأس العجل بقرص الشمس والصل.وكان أبيس رباً للخصوبة، واعتبره المصريين القدماء ابنا لبتاح فكان يتوج بوضع قرص الشمس بين قرنيه.وعبد على هيئة العجل في منف منذ عصر الأسرات المبكر، واعتبر ربا لخصوبة الأرض وفي مرحلة متقدمة أصبح صورة من صور الإله "بتاح" ويمثل "أبيس" في صورة عجل واضعاً قرص الشمس بين قرنيه ، وأحياناً يمثل بجسم إنسان ورأس عجل ، يرمز إلى القوة الجسدية والخصوبة في النسل.2- آتـوم من أقدم المعبودات المصرية والمظهر الأول لرب الشمس فى "هليوبوليس" ارتفعت مكانته وفقاً لنظرية "عين شمس" فى تفسير نشأة الكون، فهو طبقا لهذه النظرية خلقُ أرباب (التاسوع) والكون، وخلق الزوجَ الأول من الأرباب من "نفسه"، عن طريق البصق في يده أو الاستمناء.و اتحد "آتوم" مع "رع" ليكون "آتوم-رع"، منذ نهاية الدولة القديمة، حينما سعى كهنة "رع" فى "عين شمس" لرفعة شأن "رع" ودمجه فى نظرية الخلق. و يجسد "آتوم" التل الأزلى ، والذى خرج من المحيط الأزلى "نـون"، و ظهر "آتوم" فوق التل الأزلى فى صورة المعبود "رع" بهيئة الطائر الأسطورى المسمى "بنـو" (العنقاء).و يمثَّل اتوم فى الهيئة الآدمية جالساً فوق عرشه، ويضع على رأسه التاج المزدوج، وأحياناً فى هيئة الثعبان، أو يصوَّر فى هيئة أسد، أو ثور، أو "السحلية"، و قد يصور أيضاً فى صورة (الجعل) الجعران. و قد يمثَّـل أحياناً فى صورة التل الأزلى نفسه.3- أمون.أهم المعبودات واشهرها على الإطلاق، معبود طيبة الرئيس وعضو في ثامون الاشمونين، وانتشرت عبادته حتي اصبح المعبود الرئيسي للدولة منذو الدولة الوسطى.بدأت عبادته فى "أرمنت"، وازدهرت فى مدينة "طيبة، واندمج مع كثير من المعبودات على رأسها "رع" و"مين".ويمثل "آمون" بشكل آدمي كامل يعلو رأسه تاج ذو ريشتين، أو شكل آدمى برأس الكبش، أو شكل كبشا كاملا، و الكبش هو الحيوان المقدس للمعبود "آمون". وأحياناً يصور في هيئة المعبود "مين" رب الخصوبة، وأحياناً أخرى يصور بهيئة الأوز.1- أنوبيسيعرف فى النصوص بأسم "انبو"، ويذكر "بَدچ" أن اسمه يعني (يتعفن)، وهو ما يوضح صلته بالجبانة والموتي وجثثهم تلك التى تتعفن إن لم تُحفظ جيداً.ويرى اخرون ان اسمه يعني (ضم، ربط، لفَّ) وهو شأن المومياوات التي تلف وتضم وتربط في الكتان وهذا ايضا يوضح علاقته بالموتي.ويرى البعض أن اسمه يعني (الأمير، الطفل الملكى، والأبن الملكي) وذلك يدل علي بنوته للمعبود "اوزوريس" وانتمائه له.وتذكر النصوص إنه الابن الرابع للمعبود "رع"، وفى رواية أخرى ظهرت في العصر المتأخر أنه ابن "نفتيس" من "أوزيريس"، والتي ألقت به فى مكان ما بالدلتا خوفاً من زوجها "ست"، ولكن "إيزة" وجدته وصار حارسها، وتبنته هي وزوجها "اوزيوريس".ويمثل في هيئة حيوان ابن آوى، أحد فصائل الكلاب، واحيانا رابضاً على مقصورة تمثل واجهة المقبرة، ويرتدى أحياناً طوقاً سحرياً حول عنقه، وقد يصور بجسم بشرى ورأس ابن آوى، ونادرا مايمثل في الهيئة البشرية الكاملة.1- المعبود "أنوريس" "اين حرت" ويعني اسمه "محضر البعيد" والذي يستطيع ان يحضر كل ماهو بعيد.وهو معبود اختص بالحرب والصيد وهو المعبود المحلى فى المقاطعة الثامنة لمصر العليا، و يرجع ظهور عبادته إلى عصر بداية الأسرات وترجع أقدم الأدلة المعروفة على وجوده إلى نهاية الدولة القديمة، ويلعب دورا كبيرا في المعتقدات المصرية القديمة فهو الذي يطرح "ابوفيس" الثعبان الذي يعترض مركب الشمس في كل ليلة ويبعد ايضاً العواصف والسحب عن رب الشمس، كما انه يساعد المعبود "حورس" في صراعة ضد المعبود "ست".وفي "اسطورة هلاك البشرية" يرد ذكر اسمه حيث أُمِر بإعادة "حتحور" ابنة رب الشمس، أو إعادة اللبؤة "مخيت" "عين رع"، والتى أصبحت زوجته فيما بعد، والتى كانت قد هربت إلى بلاد النوبة.مثل "أنوريس" في الشكل الآدمى واقفاً يرتدى باروكة قصيرة محاطة بحية الكوبرا، واثنين أو أربعٍ من سعف النخيل، و أسلحته الرمح أو الحربة. لذلك فإنه كان يمثل باليد اليمنى مرفوعة، وكأنه ممسك برمح أو حربة، بينما يمسك فى اليد اليسرى بحبل طويل، ربما يرمز لدوره فى القبض على زوجته اللبؤة. وقد يصور ممسكاً بالرماح فى كلتا يديه، و فى بعض الأحيان فى الوضع ذاته باليد مرفوعة، وبدون الرمح أو الحبل، وصور "أنوريس أيضاً فى هيئة الأسد.4- المعبود أوزيـر (أوزيريس). سيد الأبدية، ومعبود الموتى والعالم الآخر، وهو واحد من أهم المعبودات المصرية، سواء فيما يتعلق بالديانة الرسمية للدولة، أو الديانة الشعبية، بالرغم من كونه لم يكن ضمن المعبودات الرئيسيه فى نشأة الكون.ارتبط بتاسوع "عين شمس"، كابن لمعبود الأرض "جب"، ومعبودة السماء "نوت"، وأخ للمعبود "ست"، والمعبودتين "نفتيس" و"إيزيس"، وفيما بعد تزوج من اخته المعبودة "ايزيس" وتزوج اخوه "ست" من الاخت الاخرى "نفتيس".من اشهر الصراعات والاساطير في مصر القديمة، قصة صراع "اوزير" و"ست" والتي استمرت حتي بعد قتل "اوزير" حتي اكمل مراحلها ابنه المعبود "حور".انتشرت العقيدة الأوزيرية في بداية الأسرة السادسة، فكان الملك المتوفى يتحد معه فى العالم الآخر، طبقا للديانة المصرية القديمة ويصبح أوزيراً. وامتدت عقيدته بشكل كبير خلال عصر الانتقال الأول، حيث أصبح كل متوفى عادى يتحد مع اوزير ويلقب بلقب "اوزير..فلان".اندمج فى مدينة "منف" مع رب الجبانة "سوكر" فى صورة "أوزير-سوكر"، هذا فضلا عن الاحتفالات والاعياد الرسمية والشعبية التي كانت ترتبط بعقيدة "اوزير" خاصة في موسم الحج في ابيدوس، كما ارتبطت عقيدته بالنيل والخصوبة والارض والزراعة.يمثل عادة "أوزير" فى الهيئة الآدمية فى وضع المومياء داخل التابوت، ويكون لون جلده في بعض الاحيان أبيض بلون لفائف الكتان التي تلف الاموات، أو باللون الأسود رمزية لطمى النيل ولخصوبة ارض الوادي، او اللون الاخضر رمزية للخضرة والزراعة، ويمثل واقفاً أو جالساً مستقيماً، والقدمان ملتصقتان، واليدان فى الوضع الأوزيرى المعروف، بحيث تخرج اليدان من اللفائف لتمسكا بالمذبَّة، والعصا المعقوفة .وبالنسبة للرأس فإن "اوزير يرتدي غالبا التاج "الابيض" او تاج "الاتف" وأحياناً نجد قرنين أفقيين بينهما قرص الشمس.لا توجد الكثير من التمائم الخاصة "باوزير"، إلا فى العصور المتأخرة.


0 التعليقات: